کد مطلب:163889 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:252

طاعة القیادة وسیلة النجاة
ان الكلمات القرآنیة التی هی محور التشریع الاسلامی ومنار البصیرة الرسالیة ومصنع الایمان الصافی یجب أن تفسر وفق السیاق القرآنی ذاته وما نستنبطه منه، ومن أبرز الكلمات التی تعتبر مفتاحاً لفهم القرآن ومدخلاً لطریق فهم الحیاة هی الكلمات التی تؤكد علیها آیات القرآن الحكیم وتجعلها محوراً لسائر الافكار والتشریعات. ومنها كلمة الشرك والكفر والفسق، والطاعة والتقوی.

ورسالات الانبیاء تلخصت فی هذه الكلمات، إذ أنها تنهی الناس عن الشرك أساساً، وعن الكفر والفسق والفجور أحیاناً، والتأكید علی تقوی الله وطاعة رسوله كما سنجد كل ذلك فی الآیات الموجودة فی سورة الشعراء.

معنی الشرك.

والسؤال الذی یوجه هنا وهو فی ذات الوقت سؤال أساسی وخطیر:

ما هو معنی الشرك؟

وما هو معنی الكفر؟

وعندما نعرف معنی هاتین الكلمتین الاساسیتین سیتضح أیضاً معنی كلمتی الطاعة والتقوی علی طریقة معرفة الاشیاء بأضدادها، ولقد وضحنا مسبقاً ان القرآن الحكیم لا یطلق كلمة الكفر علی جحود الله سبحانه وتعالی راساً، وكلمة الشرك علی الخضوع والسجود المباشر للاصنام البشریة أو الحجریة، بل عادة ما تأتی كلمة الكفر فی القرآن الحكیم لبیان الجحود العملی والجحود السلوكی لله، یعنی أن یدعی الانسان الایمان بالله وعبادته.. وأنّ الله خالق السموات والارض ولكنه عملیاً وتشریعاً وسلوكیاً یخالف هذه الفكرة، ویسیر فی الطریق المغایر لها. والشرك عادة ما یطلق فی كتاب الله علی عبادة الاصنام والخضوع للطغاة. والعبادة فی القرآن بدورها تطلق علی الخضوع والتسلیم سواء كان فی نمط السجود والركوع وتقدیم القرابین والذبائح للاصنام أو فی نمط الخضوع التشریعی والسلوكی.

من هو الكافر؟

آراء الفلاسفة والعلماء المسلمین فی الكفر.

قال بعضهم بأن الكافر هو من یترك أی فریضة من الفرائض الالهیة، كتارك الصلاة وتارك الصوم وتارك الحج ومن أشبه.

والبعض الآخر قال، كلا إنما هو الجحود المباشر المعلن لوجود الله سبحانه.

فمن قال لا أؤمن بالله فهو كافر، ومن لم یقل فهو مسلم سواءاً وافق قوله فعله أم لا. وكل فریق من هذین الفریقین أستند فی كلامه علی دلیلین عقلی ونقلی. فالذی قال بأن الكفر ترك أی عمل من الاعمال الواجبة أستند علی القرآن الحكیم فیدعم برهانه بالآیة الكریمة التی تبین أن الذی لا یحج فهو كافر.

«ولله علی الناس حج البیت من استطاع الیه سبیلا ومن كفر فان الله غنی عن العالمین» (97/آل عمران).

وآیات مشابهة لهذه الآیة كمااستندت بأن فائدة الایمان وروحه هو العمل فاذا فقد الانسان العمل فماذا ینفعه أیمانه؟ وكیف نستطیع أن نسمیه بأنه مؤمن؟.

وهناك دلیل آخر عن الامام الرضا(ع) یقول فیه:

«الایمان ما وقر فی القلب وصدقته الأعمال»

وفی حدیث آخر عن الامام الرضا (ع):

«الایمان عقد بالقلب، ولفظ باللسان، وعمل بالجوارح»

بینما استند الفریق الثانی الذی قا ل بأن الكفر هو الجحود اللفظی لوجود الله، استند هو الآخر علی مجموعة أدلة ونصوص منها قول الرسول (ص):

«الاسلام ما جری علی اللسان».

«من شهد الشهادتین فهو مسلم».

أو من قال:

«لا إله إلا الله ختم له ودخل الجنة».

وعن الامام الباقر (ع) انه قال:

«الاسلام اقرار بلا عمل»

حتی أن ابا ذر راوی الحدیث قد سأل النبی مرة أو مرتین أو ثلاث مرات قال: وإن زنا وإن سرق، قال الرسول (ص):

«وإن زنا وإن سرق».

فكرر السؤال ثلاث مرات فأجابه بذات الجواب ثلاثاً.

إذن فمن یقول لا اله إلا الله، ولا ینكر ربه أنكاراً مباشراً فهو مسلمٍ، برأی هذا الفریق، كافر برأی الفریق الآخر. والواقع ان النصوص الشرعیة، والادلة العقلیة متشابهة فی مثل هذا الموضوع المشكل المعقد، و السبب ان هوی الانسان ومصالحه تحدو به الی أن یدّعی بأن الكفر لیس إلا مجرد الجحود اللفظی لوجود الله سبحانه وتعالی. حتی یریح كل انسان نفسه من وصمة الكفر وعار الشرك، ویجعل الآیات القرآنیة و النصوص التی تبحث عن الكفر بعیدة عنه، و متوجهة الی أولئك البعیدین الذین یعیشون فی عمق غابات افریقیا المظلمة و یعبدون الاصنام الحجریة و المنحوتة بصورة مباشرة فأولئك هم الكفار، أما نحن فمسلمون ولله الحمد.

ان شهوة الانسان تأخذ مجراها فی قنوات ذاته بشكل طبیعی لا ریب، فللإنسان قدرة المخادعة حتی مع ذاته بشكل غریب، فاذا لم یصل أویزك أو یصم فأن هناك فی نفسه قوتین:

1-قوة تلومه علی ما فعل وهی المسماة بالمنطق القرآنی:

«النفس اللوامة».

2-قوة أخری تبرر له ما علمه، وما یعمل وما سوف یعمل، فیبدأ التحدث مع آفاق نفسه: الصلاة غیر واجبة علیك. فأنت متعب والمتعب لا صلاة علیه أو أنك كنت مریضاً والمریض لا حرج علیه، أو كنت مسافراً والمسافر صعب علیه أن، یصلی و لا یجب علیه اصوم.. وهكذا. تراه بشتی الوسائل یریح ضمیره الایمانی الذی یوخزه وخزاًًً كالابر، وهذه القوة هی القوة المبرّرة التی تسمی فی لغة القرآن بالمسوّلة:

«كذلك سولت لی نفسی».

كما قال السامری لموسی (ع)، فالنفس تسول الامر وترتبة بشكل یجعل الانسان مرتاحاً، كما أنه سبحانه وتعالی جعل فی جسم الانسان هذه الحالة فحینما یشتد الالم فی جسم الانسان فان هناك جهازاً فی المخ یحاول اعطاء افرازات معینة تفصل الاعصاب عن المخ، فتحمل عند الانسان حالة من الغیبوبة، فتغیب الروح ومن ثم یرتاح فلا یحس بالالم مهما كانت شدّته هذا فیما اذا أشتد الالم بجسم الانسان، كذلك فی روح الانسان، فهناك جهاز لخلاص الانسان من العذاب النفسی حینما یعذّب الانسان و تصبح لدیه نفسیة صعبة یأت ذلك الجهاز لیفصل بین الالم النفسی وبین الانسان وهذا ما یسمی فی علم النفس الحدیث [حالة الاحباط النفسی].

الانسان الذی یشعر بمهانة فی ذاته، وانه ذلیل صغیر، تحدث عنده هذه الحالة حیث تأتی هذه القوة فتقول له [أنت أكبر] [أنت ضخم] [أنت جبار] فتحدث عنده حالة الكبر، وحالة الكبر رد فعل لحالة الصغر ولمركب النقص. هذا هو التبریر وخداع النفس. والقرآن الحكیم یقول:

«یخادعون الله والذین آمنوا وما یخدعون إلا أنفسهم» (9/البقرة).

وفی آیة أخری یقول القرآن الحكیم:

«ان المنافقین یخادعون الله وهو خادعهم» (142/النساء).

وهذا هو الخداع الذاتی الذی یتجه الیه النصوص الاسلامیة، حیث یجرب الانسان نفسه بكل جهده لكی یفسر الآیات والأحكام والتشریعات بما لا یعارض أهواءه وشهواته أو لا یعارض ما فعله وارتكبه سابقاً، وآنئذ تتمحور وتتركز هذه الحالة فی كلمات الشرك والكفر، والتقوی والطاعة.

جائنی شاب ذات یوم وقد بدت علی ملامحه علامات الاستفهام، وقبل أن یسألنی قال لی بأن قلبی نظیف ومؤمن وصادق، قلت له: تفضل، ولكنه عاد مؤكداً ذات الكلمات فلم أعرف السبب إلا بعد فترة من محاورتی معه ثم ذكر سؤاله: هل تجب علیّ الصلاة؟

قلت له: نعم الصلاة واجبة علیك. قال قد أكون نجساً، فرددت علیه: لماذا أنت نجس؟ [وقد كان یعیش فی بعض البلاد الغربیة]، قال لی: لا ننی دائماً مع الفجور.. قلت له: أبتعد عن ذلك قال: مع ذلك أنا نجس، ودائماً أشرب الخمر!. قلت له: أبتعد عن ذلك. قال أیضاً أبقی نجساً!

من خلال هذا الحدیث بدی لی أن هذا الانسان كان یفعل الكثیر من الموبقات، ولكی یؤكد علی نظافة قلبه وعدم خلوه من الایمان أخد قبل السؤال، یكرر تلك الكلمات؟

ان أی فرد منا یسعی لیكون أفضل المطیعین وأخلص المتقین لكی یبقی الشرك والكفر بعیداً عنه، ان هذه حالة نفسیة لذلك یصبح هذا الموضوع شائكاً ومعقداً، وحتی لو كانت الآیات والادلة العقلیة واضحة، فی مثل هذا الموضوع لحاولنا ابعاد هذا الوضوح ومحاولة التشویش علیها بصورة وبأخری.

أیها المسلمون: اصغوا وأستمعوا الی الآیات التی تتلی عبر أبواق الاذاعات، ستجدون ان هذه الآیات عادة ما تنتخب من سور معینة كسورة یوسف وقسم من سورة النور وقسم من قصار السّور أیضاً..لماذا؟

الجواب، انهم یختارون الآیات التی لا تختص بازالة الستار عن مكامن الانحراف، فاذا جاءوا بآیات الربا، والزنا، والآیات التی تدور حول التشریع وما أشبه فأنهم بذلك یزیلون الغبار من علی المرآة التی تعكس حقیقتهم المنحرفة. لذلك نجدهم یبعدون تلاوة هذه الآیات ولحنها.

وبعد هذه المقدمة لا بأس أن نقول بأن كل ذلك التقصیر المصطنع فی الادلة التی تدور حول موضوع الكفر والشرك، والتقوی والطاعة، ولابد أن یزول عند اطلاق النفس من ضغط الهوی ودراسة القضیة دراسة موضوعیة.